قوله:[أن] رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه" الحديث.
يوم عاشوراء له فضيلة عظيمة وحرمة قديمة، وصومه لفضله كان معروفا بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقد صامه نوح وموسى عليهما السلام، وكان للنبي -صلى الله عليه وسلم- في صيامه أربع حالات، الحالة الأولى: أنه كان يصومه بمكة وكان لا يأمر الناس بالصوم، الحالة الثانية: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قدم المدينة ورأى صيام أهل الكتاب له وتعظيمهم له وكان يحب موافقتهم فيما لم يؤمر به صامه وأمر بصيامه وأكد الأمر بصيامه والحث عليه حتى كانوا يصومونه أطفالهم؛ الحالة الثالثة: أنه لما فرض صيام شهر رمضان ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر أصحابه بصيام عاشوراء وتأكيده فيه ففي الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "صام النبي عاشوراء وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك ذلك" (١)، وفي ذلك أحاديث كثيرة جدا فهذه الأحاديث كلها تدل على أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يجدد أمر الناس بصيامه بعد فرض صيامه شهر رمضان بل تركهم على ما كانوا عليه من غير نهي عن صيامه فإن كان أمره -صلى الله عليه وسلم- بصيامه قبل فرض صيامه رمضان للوجوب فإنه ينبني على أن الوجوب إذا نسخ هل يبقى الاستحباب أم لا؟ وفيه خلاف مشهور بين العلماء وإن كان أمره للاستحباب المؤكد فقد قيل: إنه زالى التأكيد وبقي أصل الاستحباب، ولهذا قالى قيس بن سعد: ونحن نفعله وأكثر العلماء على استحباب صيامه من غير تأكيد، الحالة الرابعة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عزم في آخر عمره على أن لا يصومه مفردا بل يضم إليه يوما آخر