ما أبداه السلاطين والأمراء من رعاية واضحة للعلم وأهله تمثَّلت في الأمور التالية:
تعظيم أهل العلم، وتقديمهم في مسائل كثيرة، واستشارتهم في أمور الدولة.
إنشاء دور التعليم وتنظيمها ورصد الأوقاف عليها، وتزويدها بمساكن؛ لإيواء شيوخها وطلابها. إنشاء دور الكتب، وتزويدها بالمراجع المهمة التي تعين المدرسين وطلاب العلم في تحصيلهم العلمي.
وقد نتج عن هذا النشاط العلمي في عصر السلاطين المماليك نبوغ عدد كبير من العلماء في كل فن من فنون العلم والمعرفة فازدان العصر بكبار العلماء، وحسبُ القارئ أن ينظر في واحد من كتب التراجم لذلك العصر ليقف مبهورًا أمام تلك الكثرة الكاثرة من أساطين العلم والمعرفة.
كما نتج عن هذا النشاط العلمي كثرة المؤلفات الموسوعية في كل المجالات العلمية من تفسير، وحديث، وفقه، وأدب، وتاريخ، وجغرافيا، وفلك، وفلاحة، ومعارف عامة.
ومن يستعرض بعض هذه الموسوعات يجد أنها عنوان لتحد كبير من هذه الأمة لأعدائها، ورد فعل للمحاولات التي بذلها المغول والصليبيون لطمس الحضارة الإسلامية، كما أنَّ الباحث في هذه الموسوعات يخيل إليه كأنَّ العلوم قد نسيت فوقف أهل هذا العصر أنفسهم على جمعها وتبويبها وعرضها من جديد، وتحمل هذه الموسوعات بين طياتها الثقافة المتكاملة