للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله: "فبعثهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم فعرضوا لهم فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان" الحديث، قال: فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - على من قتلهم أربعين صباحا، وفي رواية: "شهرا"، [قاله في أهل بئر معونة] ومعونة بفتح الميم وضم العين في أرض بني سليم فيما بين مكة والمدينة [وبني سليم بين مكة وعسفان بأرض هذيل]، فإما الغين المعجمة فموضع قريب من المدينة قاله في النهاية (١)، وكانت هذه الوقعة بعد الهجرة في أول السنة الرابعة، وفي هذا الحديث فضل الصدقة وفضل الاكتساب من الحلال لها، وفيه: جواز الصفة في المسجد، وفيه: جواز المبيت فيه بلا كراهة وهو مذهبنا ومذهب الجمهور.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن إخوانكم قد قتلوا وإنهم قالوا اللهم أبلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا" الحديث؛ قوله "إن إخوانكم قد قتلوا وإنهم قالوا" بكسر إن للحال أو للعطف في هذا الحديث أيضًا فضيلة ظاهرة للشهداء وثبوت الرضى منهم ولهم وهو موافق لقول الله تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (٢) قال العلماء: أي بطاعته ورضوا عنه بما أكرمهم به وأعطاهم إياه من الخيرات والرضي من الله تعالى إفاضة الخير والإحسان والرحمة فيكون من صفات الأفعال وهو أيضًا بمعنى إرادته فيكون من صفات الذات (٣).

قال أنس أنزل في الذين قتلوا ببئر معونة قرآن قرأناه ثم نسخ بعد بلغوا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه، رفع بعد ذلك أي نسخ تلاوته،


(١) النهاية (٤/ ٣٤٤).
(٢) سورة المائدة، الآية: ١١٩.
(٣) شرح النووي على مسلم (١٣/ ٤٧ - ٤٨).