للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله تعالى: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧)} (١) قال الثعلبي في بعض التفاسير (٢): إن فأرة جرت بزمام ناقة فتبعتها حتى دخلت الجحر فبركت الناقة وأذنت رأسها من فم الحجر ويتخذ على ظهره بيت يقعد الإنسان ويتخذ على ظهره بيت يقعد الإنسان فيه، مع مأكوله ومشروبه وملبوسه وظروفه ووسائده، كأنه في بيته ويتخذ للبيت سقف وهو يمشي بكل هذه. ولهذا قال تعالى: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧)} وقد جعلها الله تعالى طوال الأعناق لتثور بالأثقال، وعن بعض الحكماء، أنه حدث عن الإبل وعن بديع خلقها وكان قد نشأ بأرض لا إبل فيها، ففكر ساعة ثم قال: يوشك أن تكون طوال الأعناق، وحيث أراد الله تعالى بها أن تكون سفائن البر، صبرها على احتمال العطش، حتى إن ظمأها ليرتفع إلى العشر. وجعلها ترعى كل شيء نابت في البراري والمفاوز، مما يرعاه سائر البهائم. وقال تعالى: {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٢٢)} (٣) قرنها بالفلك التي هي السفائن لأنها سفن البر قال ذو الرّمة: سفينة بر تحت خدي زمامها وإنما جعل الله تعالى أعناقها طوالا، لتستعين بها على النهوض، بالحمل الثقيل، وفي الحديث لا تسبوا الإبل فإنها من نفس الله تعالى أي مما يوسع الله تعالى به على الناس حكاه ابن سيده (٤)، ذكره في حياة


(١) سورة الغاشية، الآية: ١٧.
(٢) تفسير الثعلبى (١٠/ ١٨٩).
(٣) سورة المؤمنون، الآية: ٢٣.
(٤) المحكم والمحيط الأعظم (٨/ ٥٢٦).