للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السماء قيل هو السحاب كذا قاله المنذري، وقيل: ما عد لك أي ظهر إذا رفعت رأسك ومعنى "لو بلغت ذنوبك عنان السماء" أي: ملأت الأرض والفضاء حتى ارتفعت إلى السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي وذلك أن الله عز وجل كريم والاستغفار استقالة والكريم يقيل العثرة و يغفر الذلة، قال حاتم الطائي:

وَأَغْفِرُ عَوْرَاءَ الكَرِيمِ إدِّخَارَه ... وَأَعْرِضُ عَنْ قَوْلِ اللَّئِيمِ تَكَرُّمَا (١)

في التنزيل إن الله يغفر الذنوب جميعا وهذا الحديث على عمومه لأن الذنب إما شرك فيغفر بالاستغفار منه وهو الإيمان أو دونه فيغفر بالاستغفار منه وهو سؤال المغفرة وحقيقةُ لفظِ الاستغفارِ: اللَّهمَّ اغفر لي، ويقوم مقامه: أستغفر الله؛ لأنه خبر في معنى الطّلب (٢).

قوله -صلى الله عليه وسلم-: "يقول الله تعالى: يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة" الحديث معناه أن الإيمان شرط في غفران الذنوب التي هي دون الشرك لأن الإيمان أصل يبني عليه قبول الطاعات وغفران المعاصي، أما مع الشرك فلا أصل يبني عليه ذلك قال الله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣)} (٣) (٤) انتهى قاله الطوفى.


(١) ديوان شعر حاتم بن عبد الله الطائي وأخباره ص ٢٣٨ ورواية الديوان هكذا. وأغفِرُ عَورَاءَ الكريمِ اصطِنَاعَهُ ... وأصفَحُ عن شتم اللئيم تكرمًا.
(٢) التعيين (ص ٣٣٥).
(٣) سورة الفرقان، الآية: ٢٣.
(٤) التعيين (ص ٣٣٦).