للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مجاهد (١): إذا أذنب الإنسان الذنب أحاط الذنب بقلبه ثم يذنب حتى يحيط الذنب بقلبه حتى تغشى الذنوب قلبه قال الله تعالى: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} (٢) الآية أي كثرت الذنوب والمعاصي منهم حتى حاطت بقلوبهم فكذلك الرين عليها قال: وذلك أن القلب كالكف يقبض منه بكل ذنب أصبغ ثم يطبع عليه وإلى هذا الإشارة بقوله -صلى الله عليه وسلم- (٣): "إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله" متصلا بقوله "الحلال بين والحرام بين" إشعارا بأن أكل الحلال ينور القلب ويصلحه وأكل الحرام والشبهة يفسده ويقسيه ويظلمه وقد وجد ذلك أهل الورع وآكل الحرام والمسترسل في الشبهات ليس من المتقين، وقال بكر بن عبد الله أن العبد إذا أذنب صار في قلبه كخرم الإبرة ثم إذا أذنب ثانيا صار كذلك ثم إن كثرت الذنوب صار القلب كالمنخل أو كالغربال لا يعي خيرا ولا يثبت فيه صلاح ثم قال سبحانه وتعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)} (٤) هذا في الكافرين وهذا يدل على أن الله تعالى يرى في القيامة وقال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)} (٥) قال مالك: في هذه الآية لما حجب


(١) ذكره القرطبي في التفسير (١/ ١٨٨).
(٢) سورة البقرة، الآية: ٨١.
(٣) أخرجه البخاري (٥٢) (٢٠٥١)، ومسلم (١٥٩٩).
(٤) سورة المطففين، الآية: ١٥.
(٥) سورة القيامة، الآيتان: ٢٢ - ٢٣.