للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كالشيء المحرم على الناس فالظلم مستحيل في حق الله تعالى وهذا قول الجمهور، وقد ذهب قوم إلى أنه عز وجل قادر على الظلم وهو متصور منه لكنه يفعله عدلا منه وجودا وكرما وإحسانا إلى عباده واحتجوا بقوله عز وجل {وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} (١) {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} (٢) ومثل هذا في القرآن كثير والله أعلم.

قوله تعالى: "وجعلته بينكم محرما" أي كرمته عليكم ومنعتكم منه شرعا، والظلم لغة وضع الشيء في غير موضعه، وشرعا: التصرف في ملك الغير بغير إذنه، وقد نقل هذا عن إياس بن معاوية وغيره والله أعلم.

قوله تعالى: "فلا تظالموا" هو بفتح التاء، أصله: تتظالموا أي فلا يظلم بعضكم بعضا وهذا توكيد لقوله: "وجعلته بينكم محرما" ومعناه: أنه تعالى حرم الظلم على عباده ونهاهم أن يتظالموا فيما بينهم فنهاهم، فحرام على كل عبد أن يظلم غيره مع أن الظلم نفسه محرم مطلقا، وهو نوعان، أحدهما: ظلم النفس وأعظمه الشرك كما قال عز وجل {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (٣)، والثاني: ظلم العبد لغيره وهو المذكور في هذا الحديث، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في خطبته في حجة الوداع "إن دمماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا" (٤).


(١) سورة ق، الآية: ٢٩.
(٢) سورة غافر، الآية: ٣١.
(٣) سورة لقمان، الآية: ١٣.
(٤) أخرجه البخاري في التفسير (٤٤٠٦) (٣١٩٧) (١٠٥)، والحج (١٧٤١)، ومسلم (١٦٧٩).