للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الياء المثناء تحت وهو ما يخاط به الثوب كالإبرة ونحوها قاله الحافظ المنذري، قال العلماء: هذا تقريب إلى الأفهام ومعناه لا ينقص شيئا كما قال في الحديث الآخر "يد الله ملئى لا يغيضها نفقة" أي لا تنقصها لأن ما عند الله تعالى لا يدخله نقص وإنما يدخل النقص المحدود الفاني وعطاء الله تعالى من رحمته وكرمه وهما صفتان قديمتان لا يتطرق إليهما نقص فضرب المثل بالمخيط في البحر لأنه غاية ما يضرب به المثل في القلة والمقصود التقريب إلى الأفهام مما يشاهدوه فإن البحر أعظم المرئيات عيانا وأكبرها، والإبراة من أصغر الموجودات مع أنها صقلية لا يتعلق بها (١) والله أعلم أ. هـ.

وقال ابن رجب: تحقيق لأن ما عند الله لا ينقص البتة كما قال تعالى {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} (٢) فإن البحر إذا غمس فيه إبرة ثم أخرجت لم ينقص من البحر بذلك شيء وكذلك لو فرض أنه شرب منه عفور مثلا فإنه لا ينقص البتة، ولهذا ضرب الخضر لموسى -صلى الله عليه وسلم- هذا المثل في نفسه في نسبة علمهما إلى علم الله عز وجل وهذا لن البحر لا يزال تمده مياه الدنيا وأنهارها الجارية فمهما أخذ منه لم ينقصه شيء لأنه يمده ماء هذا هذا زيد مما أخذ منه، وهكذا طعام الجنة وما فيها فإنه لا ينفد كما قال الله تعالى {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (٣٣)} (٣) وقد جاء أنه كلما


(١) شرح النووي على مسلم (١٦/ ١٣٣).
(٢) سورة النحل، الآية: ٩٦.
(٣) سورة الواقعة، الآيتان: ٣٢ - ٣٣.