للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن بطال (١): وإنما كان ابن عمر يصلي في تلك المواضع التي صلى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على وجه التبرك بها ولم يزل الناس يتبركون بمواضع الصالحين (٢). وأما ما روي أن ابن عمر - رضي الله عنه - كره ذلك فلأنه خشي أن يلتزم الناس الصلاة في تلك المواضع فيشكل ذلك على من يأتي بعدهم ويرى ذلك واجبًا، وكذا ينبغي للعالم إذا رأى الناس يلتزمون النوافل التزاما شديدًا أن يترخص فيها في بعض المرات ويتركها ليعلم بفعله، وذلك أنها غير واجب كما فعل ابن عباس في ترك الأضحية (٣).

قال النوويُّ: روينا عن الزهري قال: لا يعدل برأي ابن عمر، فإنه أقام بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ستين سنة فلم يخف عليه شيء من أمره - صلى الله عليه وسلم - ولا من أمر أصحابه؛ وعن مالك قال: أقام ابن عمر ستين سنة تقدم عليه وفود الناس،


(١) شرح الصحيح (٢/ ١٢٦).
(٢) قلت: التبرك بالأماكن والأشخاص وبآثار الصالحين من غير الأنبياء لا يجوز لعدم ورود الدليل الشرعي، ولإجماع الصحابة رضي الله عنهم على تركه، ولسد ذرائع الغلو المذموم المفضي إلى الشرك والبدع، قال ابن رجب في الحكم الجديرة بالإذاعة (ص: ٥٤): التبرك بالآثار إنما كان يفعله الصحابة رضي الله عنهم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكونوا يفعلونه مع بعضهم ببعض، ولا يفعله التابعون مع الصحابة، مع علو قدرهم، فدلّ على أن هذا لا يُفعل، إلَّا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، مثل التبرك بوضوئه وفضلاته وشعره وشرب فضل شرابه وطعامه. انظر للتفصيل: فتح الباري لابن رجب (٣/ ٤٢٧). وتيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (ص ١٥٣، ١٥٤). وفتح الباري لابن حجر مع تعليقات ابن باز (٣/ ١٤٣). والتوسل أنواعه وأحكامها للشيخ الألباني (ص ١٤٤ - ١٤٥).
وعقيدة التوحيد للشيخ الفوزان (ص ٢٣٤ - ٢٣٦).
(٣) الكواكب الدرارى (٤/ ١٥٠).