للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الماء، الوعاء: ما يوضع فيه الشيء؛ وبثثته حتى نشرته وفرقته، والمراد: الحديث الذي رواه والبلعوم مجرى الطعام، ولقائل أن يقول: كيف استجاز كتم الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "بلغوا عني ولو آية"، وكيف يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما إذا قتل راويه وكيف يستجيز المسلمون من الصحابة الإخبار قتل من يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فالجواب: أن هذا الذي كتمه ليس أمر الشريعة فإنه لا يجوز كتمانها، وقد كان أبو هريرة يقول: لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم وهي قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى) (١) فكيف يظن به أنه يكتم شيئًا من الشريعة بعد هذه الآية وبعد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبلغ عنه، وقد كان يقول لهم: "ليبلغ الشاهد منكم الغائب"، وإنما هذا المكتوم مثل أن يقول: فلان منافق وستقتلون عثمان وهلاك أمتي على يدي أغيلمة من قريش بنو فلان، فلو صرح بأسمائهم لكذبوه وقتلوه، حكاه أبو الفرج عبد الرحمن بن علي، قاله في حاشية كتاب المشارق (٢)، تقدم الكلام على مناقبه - رضي الله عنه -.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من داع يدعوا إلى شيء إلا وقف يوم القيامة لازمًا لدعوته ما دعا إليه وإن دعا رجل رجلًا"، ومعنى الحديث، والله أعلم، أن كل من ابتدع شيئا من الشر كان عليه مثل وزر كل من اقتدى به في ذلك العمل مثل عمله إلى يوم القيامة ومثله من ابتدع شيئا من الخير كان له مثل أجر كل من يعمل


(١) سورة البقرة، الآية: ١٥٩.
(٢) كشف المشكل (٢/ ٥٣٤ - ٥٣٥).