للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال القرطبي (١): بين الحديث التحذير من الدخول في الولايات، ومنها: بيان أن من سأل الولاية لا يكون معه إعانة من الله تعالى فلا يكون فيه كفاية لذلك العمل فينبغي أن لا يولى، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا نولى على عملنا من طلبه أو حرص عليه" كما تقدم.

وحكى النووي عن بعض العلماء أنه لا تصح توليته إذا سأل الولاية (٢)، قال بعض السلف: ما حرص أحد على ولاية فعدل فيها، وكان يزيد بن عبد الله بن موهب من قضاة العدل والصالحين، وكان يقول: من أحب المال والشرف وخاف الدوائر لم يعدل، واعلم أن الحرص على الشرف بطلب الولايات يستلزم ضررًا عظيما قبل وقوعه في السعي في أسبابه وبعد وقوعه بالخطر العظيم الذي يقع فيه صاحب الولاية من الظلم والتكبر وغير ذلك من المفاسد، أ. هـ، قاله ابن رجب (٣).

واعلم أن ظاهر الحديث كراهة سؤال الولاية وينبغي أن يستثني من ذلك من استحب له الطلب إما لنشر العلم أو لاحتياجه إلى الرزق أو لتعين الطلب عليه بأن كان لا يصلح للقضاء غيره، وقد قسم الفقهاء السؤال إلى خمسة أقسام فقالوا: من اجتمعت فيه شروط الولاية تعين عليه قبولها إن عرضت عليه وطلبها إن لم تعرض عليه لأنه فرض كفاية لا يتأدى إلا به وكذا إن كان


(١) هذا من العزو الخطأ فالكلام للنووى كما في شرحه (١١/ ١١٦).
(٢) حسن السلوك (ص ٧٧).
(٣) مجموع رسائل ابن رجب (١/ ٧١ - ٧٢).