بالدهاء والحلم، وذكروا أن عمر بن الخطاب لما دخل الشام فرأى معاوية قال: هذا كسرى العرب. ولما حضرته الوفاة أوصى أن يكفن في قميص كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كساه إياه، وأن يجعل مما يلى جسده، وكان عنده قلامة أظفار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأوصى أن تسحق وتجعل في عينيه وفمه، وقال: افعلوا ذلك بى، وخلوا بينى وبين أرحم الراحمين. ولما نزل به الموت قال: يا ليتنى كنت رجلا من قريش بذى طوى، وإنى لم أل من هذا الأمر شيئا. وكان ابنه يزيد غائبا بحوران وقت وفاة معاوية، فأرسل إليه البريد، فلم يدركه.
وكان معاوية أبيض جميلا يخضب، وروى عنه قال: مازلت أطمع بالخلافة منذ قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن وليت فأحسن". قال ابن قتيبة في المعارف: لم يولد لمعاوية في زمن خلافته ولد؛ لأنه ضرب على إليته فانقطع عنه الولد، ولد له قبلها عبد الرحمن لأم ولد، ويزيد أمه ميسورة بنت مجدل الكلبية، وعبد الله، وهند، ورملة، وصفية].
قوله: ضرب على الناس بعثا فخرجوا فرجع أبو الدحداح فقال له معاوية: ألم تكن خرجت؟ قال: بلى، ولكن سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثا أحببت أن أضعه عندك مخافة أن لا تلقاني، الحديث، أبو الدحداح اسمه (١) [ثابت بن الدحداح وقيل: الدحداحة بن نعيم بن غنم بن إياس، يكنى: أبا الدحداح، ويقال: أبو الدحداحة الأنصاري الصحابي، بفتح الدالين وبحائين مهملتين.
(١) الاستيعاب ١/ الترجمة ٢٥١ و ٤/ ٢٩٣٩، وأسد الغابة ١/ ٥٤٥ و ٦/ ٥٨٦٤، وتهذيب الأسماء واللغات ٢/ ٧٧٩.