للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال بعضهم أيضًا: المنكر ما كان مستقبحًا عقلًا أو شرعًا، والمعروف ما كان مستحسنًا عقلًا أو شرعًا (١).

وقوله: "من رأى منكم منكرا فليغيره" هو خطاب للأمة جميعا حاضرها حينئذ بمشافهته بالأمر وغائبها ممن يأتي لقوله عليه الصلاة والسلام حكمي على الواحد حكمي على الجماعة أو لأن الحاضر يضمن الغائب (٢).

وقوله: "رأى" يحتمل أنه من رؤية العين ثم يقاس عليه ما علمه وما لم يره فيجب تغيره مع القدرة لأن المقصود دفع مفسدة المنكر ولا فرق بين ما ابصره أو علمه ولم يره ويحتمل أن رأى من رؤية القلب أي من عمل منكم منكرا فليغيره فهو أعم مما أبصره أو علمه وهو أشبه في النظر وإن كانت لفظ رأى ظاهرا في الإبصار، أ. هـ قاله الطوفي (٣).

وأما صفة النهي ومراتبه فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث الصحيح فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه معناه فليكرهه بقلبه وليس ذلك بإزالة وتغير منه للمنكر لكنه هو الذي في وسعه فالإنكار بالقلب هو كراهة تلك المعصية وبغضها فإن كان المنكر مما يغير باليد بادر إلى تغييره كإخراجه من المسجد إذا كان جنبًا أو قد أكل بصلا أو ثوما أو فجلا ونحو ذلك مما له رائحة كريهة يتأذي بها الإنسان، ففي صحيح


(١) تفسير الزمخشرى (١/ ٤٧٢)، وتفسير النسفى (١/ ٣٣١) وتفسير النيسابورى (٢/ ٣٥٢).
(٢) التعيين في شرح الأربعين (ص ٢٨٧).
(٣) المصدر السابق (ص ٢٨٧ - ٢٨٨).