للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والأحاديث في فضل ستر المؤمن كثيرة جدا ومحل الستر فيما إذا لم تصل الحدود إلى الحكام فإذا وصلت إليهم بالطريق الشرعي لم يجز ستره وتحرم الشفاعة فيه (١).

ويشترط أن يكون المنكر ظاهرا بغير تجسس فكل من ستر معاصيه في داره وأغلق عليهم فإنه لا يجوز لأحد أن يتجسس عليه، وقد روى أن أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- تسلق دارا رجل فرآه على حالة مكروهة فأنكر عليه، فقال: يا أمير المؤمنين: إن كنت عصيت الله من وجه فقد عصيته من ثلاثة أوجه، فقال: وما هي؟ فقال الرجل: قد قال الله تعالى: {وَلَا تَجَسَّسُوا} (٢) وقد تجسست، وقال تعالى: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} (٣) وقد تسورت من السطح، وقال الله سبحانه: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} (٤) فتركه عمر -رضي الله عنه- وشرط عليه التوبة، فإن ظهر لمن هو خارج الدار ما في الدار من المنكر كصوت المزامير والأوتار إذا ارتفعت وصوت المرأة وكلامها بالرفث والفحش عند العزب ونحو ذلك فمن سمع ذلك فله دخول الدار وكسر آلات الملاهي وإخراج المرأة وكذلك إذا ارتفعت أصوات السكارى بالأصوات بالغناء والكلمات المألوفات بينهم


(١) تنبيه الغافلين (ص ٣٩).
(٢) سورة الحجرات، الآية: ١٢.
(٣) سورة البقرة، الآية: ١٨٩.
(٤) سورة النور، الآية: ٢٧.