للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال النووي (١): وفي هذا الحديث حجة لمذهب من يقول الاعتزال أفضل من الاختلاط، وفي المسألة خلاف مشهور وسيأتي إن شاء اللَّه تعالى.

وما أحسن قول أبي سليمان الخطابي في مدح العزلة والانفراد وإن لم يكن تعلق بهذا المعنى (٢):

أَنِسْتُ بِوَحْدَتِي وَلَزَمْتُ بَيْتِي ... فَدَامَ الأُنْسِ لِي وَنَمَى السُّرُورُ

وَأَدَّبَنِي الزَّمَانُ فَلَا أُبَالِي ... هُجِرْتُ فَلَا أَزَارُ وَلا أَزُورُ

فَلَسْتُ بِسَائِلٍ مَا دُمْتُ حَيًّا ... أَسَارَ الْجُنْدُ أَمْ رَكِبَ الأمِيرُ

تنبيه: اختلف العلماء في العزلة والاختلاط أيهما أفضل، قال الغزالي في الإحياء للناس اختلاف كثير في العزلة والمخالطة وتفضيل إحداهما على الأخرى وميل أكثر العباد والزهاد إلى اختيار العزلة وتفضيلها على المخالطة وظهر هذا الاختلاف بين التابعين فذهب إلى اختيار العزلة سفيان الثوري وإبراهيم بن أدهم وداود الطائي والفضيل بن عياض وسلمين الخواص وسليمان بن أسياط وحذيفة المرعشي وبشر الحافي (٣)، أ. هـ

لما في العزلة من السلامة المحققة لكن بشرط أن يكون عارفا بوظائف العبادة التي تلزمه وما يتكلف به والمختار تفضيل الخلطة لمن لا يغلب على ظنه الوقوع في المعاصي وذهب إلى ذلك أكثر التابعين لما في الخلطة من اكتساب الفوائد وشهود شعائر الإسلام وتكثير سواد المسلمين وإيصال


(١) شرح النووي على مسلم (١٨/ ١٠١).
(٢) العزلة (ص ٩٤).
(٣) إحياء علوم الدين (٢/ ٢٢١ - ٢٢٢).