للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله: قلت: يا رسول اللَّه ما النجاة؟ قال: "أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك" الحديث، قال الشيخ تقي الدين السبكي: وجدت الصلاح كله في كلمتين من كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو قوله عليه السلام "عليك بخويصة نفسك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك" يعني: "عليك بخويصة نفسك" أي بالاشتغال بنفسك تهذبها وتنقيها من الأدناس [وتكسبها] الصفات الحميدة التي تجاور بها رب العالمين والاشتغال بالناس لا خير، وأما قوله "وليسعك بيتك" فلأن السلامة في العزلة ومتى خرج الإنسان من بيته تعرض للشقاء وانظر إلى قوله تعالى: {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} (١)، قال: ونظمت هذا في قولي:

كبر النفس مانع لرشاد ... فكن حقيرا صغيرا

والزم البيت لا تفارقه شبرا تلق عند الخروج شرًّا كبيرًا (٢). أ. هـ.

وفي أمره -صلى اللَّه عليه وسلم- بالإقامة في البيوت رفق عظيم بأمته ورحمة شاملة إذ رفع عثهم تلك المشاق بجلوسهم في أوطانهم (٣)، فإن قلت: فقد قال عليه الصلاة والسلام: "فسيأتي على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر من شاهق إلى شاهق كطائر بفراخه أو كثعلب بأشباله، ما أتقاه في ذلك الزمان، ما


(١) سورة طه، الآية: ١١٧.
(٢) طبقات الشافعية (١٠/ ٢٩٦).
(٣) المدخل (١/ ٣٠٤).