للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الدعاء بهذا من أخلاق المؤمنين [الذين] (١) وصفهم اللَّه تعالى بالرحمة بينهم والتعاون على البر والتقوى، وجعلهم كالبنيان يشد بعضهم بعضًا وكالجسد الواحد، وأن المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه فمن دعا على أخيه المسلم باللعنة وهي الإبعاد من رحمة اللَّه تعالى فهو من نهاية المقاطعة والتدابر وهذا غاية ما يوده المسلم للكافر ويدعو عليه به؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح: "لعن المؤمن كقتله" لأن القاتل يقطعه عن منافع الدنيا وهذا يقطعه عن نعيم الآخرة ورحمة اللَّه تعالى. وقيل: معنى لعن المؤمن كقتله في الإثم وهذا هو الأظهر عند النووي وتقدم الكلام على ذلك قريبًا.

وأما قوله: (أنهم لا يكونون شفعاء ولا شهداء) فمعناه لا يشفعون يوم القيامة حتى يشفع المؤمنون في إخوانهم الذين استوجبوا النار [وقوله] (٢)، ولا شهداء فيه ثلاثة أقوال: أصحها وأشهرها لا يكونون يوم القيامة على الأمم بتبليغ رسلهم إليهم الرسالات، والثاني لا يكونون شهداء في الدنيا أي لا تقبل شهادتهم لفسقهم، الثالث أنهم لا يرزقون الشهادة وهي القتل في سبيل اللَّه تعالى وإنما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا ينبغي لصديق أن يكون لعانًا" ولا يكون اللعانون شفعاء بصيغة التكثير، ولم يقل لاعنًا واللاعنون لأن هذا الذم في الحديث إنما هو لمن كثر منه اللعن لا المرة ونحوها ولأنه يخرج منه أيضًا اللعن المباح وهو الذي ورد الشرع به وهو لعنة اللَّه على الظالمين لعن اللَّه


(١) سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(٢) سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.