للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الزجر فكيف وقد عضدها شواهد الشرع من السنة، الأخبار والآثار معا. واعلم أن الغيبة كما يحرم على المغتاب ذكرها ويحرم على السامع استماعها وإقرارها فيجب على مَن سمع إنسانًا يبتدئ بغيبة محرَّمة أن ينهاه إن لم يخف ضررًا ظاهرًا لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن فعل ذلك فقد فاز فوزًا عظيمًا، فإن خاف الضرر وجب عليه الإنكار بقلبه، ومفارقة ذلك المجلس إن تمكَّن من مفارقته، فإن قدر على الإنكار بلسانه، أو على قطع الغِيبة بكلام آخر، لزمه، فإن لم يفعل عصى اللَّه ورسوله، فإن قال بلسانه: اسكت، وهو يشتهي بقلبه استمراره، فقال أبو حامد الغزالي (١): ذلك نفاق لا يخرجه عن الإثم، ولا بد من كراهته بقلبه، ومتى اضطر إلى المقام في ذلك المجلس الذي فيه الغِيبة، وعجز عن الإنكار، أو أنكر فلم يقبل منه، ولم يمكنه المفارقة بطَريقٍ، حَرُمَ عليه الاستماع والإصغاء للغيبة، بل طريقه أن يذكر اللَّه تعالى بلسانه وقلبه، أو بقلبه، أو يتفكر في أمر آخر ليشتغل عن استماعها، فإن تمكَّن بعد ذلك من المفارقة وهم مستمرون في الغِيبة ونحوها، وجب عليه المفارقة؛ قال تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} (٢) الآية. قاله النووي في أذكاره (٣).


(١) الأذكار للنووي (ص: ٣٣٩).
(٢) سورة الأنعام، الآية: ٦٨.
(٣) الأذكار للنووي (ص: ٣٣٩).