للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومراد الخطابي أن المحرم من الظن ما يصر صاحبه عليه ويستمر في قلبه دون ما يعرض في القلب ولا يستقر فإن هذا لا يكلف به. ونقل القاضي عياض عن سفيان الثوري أنه قال الظن الذي يأثم به هو ما ظنه وتكلم به فإن لم يتكلم لم يأثم اهـ. وقال بعضهم يحتمل أن المراد الحكم في الشرع بظن مجرد غير مبني على أصل ولا نظر واستدلال وهذا ضعيف أو باطل والصواب الأول.

قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا تحسسوا ولا تجسسوا الأول بالحاء والثاني بالجيم. قال بعض العلماء التحسس بالحاء الاستماع لحديث القوم وبالجيم البحث عن العورات، وقيل بالجيم البحث عن بواطن الأمور وأكثر ما يقال في الشر والجاسوس صاحب سرّ الشر والناموس صاحب سر الخير وقيل هما بمعنى واحد وهو طلب الأخبار الغائبة والأحوال. وقال الخطابي رحمه اللَّه (١) معناه لا تبحثوا عن عيوب الناس ولا تتبعوا أخبارهم. والتحسس طلب الخير ومنه قوله تعالى {يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} (٢).

قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا تنافسوا هو بحذف إحدى التائين وأصله تتنافسوا والمنافسة والتنافس [فـ] معناهما الرغبة في الشيء ومعناه الانفراد به ونافسته منافسة ونفاسا إذا رغبت فيما رغب فيه، وقيل معنى الحديث التباري في الرغبة في الدنيا وأسبابها وحظوظها، قاله النووي. وأما التنافس في الخير


(١) معالم السنن (٤/ ١٢٣).
(٢) سورة يوسف، الآية: ٨٧.