الصدق وهو قصده والاعتناء به وعلى التحذير من الكذب والتساهل فيه فإنه إذا تساهل فيه كثر منه [فعرف] به وكتب عند الله لمبالغته صديقا إن اعتاده أو كذابا إن اعتاده، ومعنى يكتب هنا يحكم له بذلك ويستحق الوصف بمنزلة الصديقين وثوابهم أو صفة الكذابين وعقابهم. والمراد إظهار ذلك للمخلوقين إما بأن يكتبه في ذلك ليشتهر بحظه من الصنفين في الملأ الأعلى وإما [أن] يلقي ذلك في قلوب الناس وألسنتهم كما يوضع له القبول والبغضاء في الأرض وإلا [فقدره] سبحانه وتعالى في كتابه السابق قد سبق بكل ذلك والله أعلم. قاله في الديباجة.
٤٤٤٤ - وعن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بالصدق، فإنه مع البر، وهما في الجنة، وإياكم والكذب، فإنه مع الفجور، وهما في النار" رواه ابن حبان في صحيحه (١).
قوله وعن أبي بكر الصديق تقدم. قوله -صلى الله عليه وسلم- عليكم بالصدق فإنه مع البر. فيه [إشارة] إلى استعمال الصدق في كل الأحوال واجتناب الكذب والاحتراز منه غاية الاحتراز فإنه شعبة من شعب النفاق ويشهد لذلك ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب. قوله وإياكم والكذب فإنه مع الفجور وهما في النار. يريد الميل عن الصدق وأعمال الخير.
(١) صحيح ابن حبان (٥٧٣٤) أخرجه أحمد (١/ ٣)، والبخاري في الأدب (٧٢٤)، وابن أبي الدنيا في الصمت (٤٤٠)، وابن ماجه (٣٨٤٩)، والنسائي في الكبرى (١٠٧١٩)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٤٠٧٢).