للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مزدريا بغيره، فهو أشد هلاكا منهم لأنه لا يدري سرائر الله في خلقه. انتهى (١).

قوله وعن أبي هريرة تقدم. قوله -صلى الله عليه وسلم- إذا سمعتم الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكم.

قال أبو إسحاق: سمعته بالنصب والرفع ولا أدري أيهما يعني بنصب الكاف من أهلكهم ورفعها، اهـ. قاله الحافظ المنذري. وقال الحميدي في الجمع بين الصحيحين الرفع أشهر، اهـ. فمن فتحها كانت فعلا ماضيا ومعناه أن الغالين الذين يؤيسون الناس من رحمة الله [يقولون] هلك الناس أي استوجبوا النار بسوء أعمالهم فإذا قال الرجل ذلك فهو الذي أوجبه لهم لا الله تعالى، وهو الذي لما قال لهم ذلك وأيّسهم حملهم على ترك الطاعة والانهماك في المعاصي فهو الذي أوقعهم في الهلاك. وأما الضم فمعناه أنه إذا قال لهم ذلك فهو أهلكُهم أي أكثرهم هلاكا وهو الرجل يولع بعيب الناس ويذهب بنفسه عجبا ويرى له عليهم فضلا، انتهى، قاله في النهاية (٢). قال المنذري: [ويمكن رد معنى الفتح إلى هذا أي فهو الذي نسبهم إلى الهلاك عجبا بنفسه وازدراء بغيره وذلك مستوح من نسبة الإهلاك إلى ضميره المنفصل ثم المستتر أي بمجرده وتخمينه وبطره ومخالفته لقوله تعالى {إِنَّ


(١) قلت: يعني أبا داود كما هو ظاهر، وهو خطأ، فإن قول أبي إسحاق المذكور لم يرد في سنن أبي داود، وإنما في صحيح مسلم عقب الحديث، ولفظه: قال أبو إسحاق: لا أدري (أهلكهم) بالنصب أو (أهلكهم) بالرفع. وأبو إسحاق هذا هو إبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه الزاهد راوي صحيح مسلم.
(٢) النهاية في غريب الأثر (٥/ ٢٦٩).