- صلى الله عليه وسلم - لعلي - رضي الله عنه -: "لأن يهدي اللّه بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم"، روي ذلك في الصحيحين، والنعم عند اللغويين الإبل، وقال ابن الأعرابي: النعم الإبل خاصة والأنعام الإبل والبقر والغنم، وهذا يدلّ على فضل العلم والتعليم وشرف منزلته وأهله بحيث إذا اهتدى رجل واحد بالعلم كان خيرًا له من حمر النعم، وهي خيار وأشرفها وأعزها عند أهلها، فما الظن بمن يهتدي به كلّ يوم طوائف من الناس، والنعم كبيرة الفائدة شديد الانقياد ليس لها شراسة الدواب ولا نفرة السباع، ولشدة حاجة الناس إلهًا لم يخلق اللّه لها سلاحًا شديدًا كأنياب السباع وجعل من شأنها الثبات والصبر على التعب والجوع والعطش، وخلقت ذلولا تنقاد بالأيدي، ولما كان مأكلها الحشيش اقتضت الحكمة الإلهية لها أفواهًا واسعة وأسنانًا حدادًا وأضراسًا صلابًا لتطحن بها الحب والنوى:"لأن يهدي اللّه بك رجلًا واحدًا خير لك" أجرًا وثوابًا من أن يكون لك "حمر النعم" فصدق بها، انتهى؛ وفيه: البشرى لمن هذا حاله.
[قوله:"كان له من الأجر مثل أجور من تبعه" يقول: من دل قوما على فعل خير أو عمل صالح فبقدر ما يحصل لكل واحد منهم بذلك العمل من الثواب يحصل لهذا الدال من غير أن ينقص من أجور الفاعلين شيئًا، وكذلك الحكم إذا كان على ضد هذا وأهل السنة ذهبوا إلى أن أفعال العباد لا تقتضي لذاتها ثوابا لكن الحكمة البالغة والسنة الجارية منه سبحانه وتعالى استمرت على ارتباط العمل الصالح بالثواب والعمل السيء بالعقاب من غير أن تؤثر الأفعال فيهما بصفة الإيجاد والصدور، ومباشرة الفعل والتسبب إليه سببان في الارتباط وتعلق الثواب والعقاب، انتهى].