"وعن سعيد بن أبي الحسن" واسم أبي الحسن يسار أخو الحسن البصري، وكان أصغر من الحسن، وهو من الطبقة الثانية من التابعين من أهل البصرة، وكان الحسن يحبه حبا شديدا، ولما مات حزن عليه حزنا شديدا، وأمسك عن الكلام حتى عرف ذلك في مجلسه وحديثه، فكلم في ذلك فقال: الحمد للّه الذي لم يجعل الحزن عارا على يعقوب، ثم قال: بئست الدار المفرقة.
قال مبارك بن فضالة: دخلنا على الحسن حين نعي له أخوه وهو يبكي، فعزاه بكر بن عبد اللّه وقال: إن الناس يرونك تبكي فيذهبون بهذا إلى عشائرهم فيقولون: رأينا الحسن يبكي عند المصيبة، فيحتجون به على الناس، فحمد اللّه الحسن وأثنى عليه وقد خنقته العبرة وقال: إن اللّه جعل هذه الرحمة في قلوب المؤمنين؛ فيرحم بها بعضهم بعضا، فتدمع العين، ويحزن القلب، وليس ذلك بجزع، إنما الجزع ما كان من اللسان واليد، ثم قال: إن اللّه لم يجعل حزن يعقوب عليه ذنبا ولا عارا، قال:{وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ}(١) ورحم اللّه سعيد بن أبي الحسن، ما كانت تنزل بي شدة إلا وكان يود أنه لو فداني بنفسه.
وقال ابن عون: دفع إلي الحسن برنسا مطوسا كان لأخيه لأبيعه، فذهبت به فلم أعط فيه إلا أربعة وعشرين درهما، فقلت له: أفأشتريه أنا؟ قال: فأنت أعلم، ولكني لا أحب أن أراه عليك.