للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المتعارف في حقنا محال في حق الله تعالى فيجب تأويل الحديث، قال المحققون معناه لا يعاملكم معاملة المالّ فيقطع عنكم ثوابه وجزاءه وبسط فضله ورحمته حتى تقطعوا [أعمالكم]، وقيل معناه لا يمل إذا مللتم، قاله ابن قتيبة وغيره. [وفي هذا الحديث كمال شفقته - صلى الله عليه وسلم - ورأفته بأمته لأنه أرشدهم إلى ما يصلحهم وهو ما يمكنهم الدوام عليه بلا مشقة ولا ضرر فتكون النفس أنشط والقلب منشرحا فتثمر العبادة بخلاف من تعاطى من الأعمال ما يشقّ فإنه بصدد أن يتركه كله أو بعضه أو يفعله بكلفة أو بغير انشراح القلب فيفوته خير عظيم، وقد ذمّ الله سبحانه وتعالى من اعتاد عبادة ثم فرط فقال تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} (١).

وقد ندم عبد الله بن عمرو بن العاصي على تركه قبول رخصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تخفيف العبادة، [و] مجانبة التشديد بقوله يا ليتني قبلت رخصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -] (٢).

فإن قلت الملال لا يصح لا على الله تعالى فما وجهه. قلت الملال كناية عن عدم القبول أي فإن الله يقبل طاعتكم حتى تملوا فإنه لا يقبل ما يصدر منكم على سبيل الملالة وأطلق الملال على طريقة المشاكلة وقال


(١) سورة الحديد، الآية: ٢٧.
(٢) حصل تأخير لهذه الفقرة في النسخة الهندية، وأدرجت بعد قوله: (وقال الخطابي: هو كناية عن الترك، أي لا يترك الثواب ما لم تتركوا العمل، قاله الكرماني).