الراء أي سال منها الدمع، والبكاء للسرور والفرح، وفي هذا الحديث فوائد كثيرة منها: استحباب قراءة القرآن على الحذاق فيه وأهل العلم به والفضل وإن كان القارئ أفضل من المقروء عليه، ومنها: المنقبة الشريفة لأبي بقراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه، ولا يعلم أحدًا من الناس شاركه في هذه المنقبة، واختلفوا في الحكمة في قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن يقال بعضهم: إنما قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - على أبي ليعلم الناس التواضع لئلا يأنف أحد من التعليم والقراءة على من دونه في المنزلة، وقيل: لأن أبيًا كان أسرع أخذًا لألفاظ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فأراد بقراءته عليه أن يأخذ ألفاظه ويقرأ كما سمع منه ويعلم غيره، وقيل: للتنبيه على جلالة أبي وأهليته لأخذ القرآن عنه فكان يعده - صلى الله عليه وسلم - رأسًا وإمامًا في إقراء القرآن، ومنها: ذكر اللّه تعالى له ونصه في هذه المنزلة الرفيعة، ومنها: البكاء للسرور والفرح بما يسر الإنسان به ويعطاه من معالى الأمور، وأما قوله - رضي الله عنه -: أسماني اللّه لك؟ إنما سأل أبي - رضي الله عنه - عن تسمية اللّه تعالى له لجواز أن يكون اللّه تعالى أمره أن يقرأ على رجلٍ من أمته ولم يعينه فأراد أبي أن يتحقق هل نص عليه أو قال: على رجل، فيؤخذ منه: الاستثبات في المحتملات، وفي رواية عن أنس بن مالك أيضًا أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي:"إن اللّه أمرني أن أقرأ عليك {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا}(١) " قال: وسماني اللّه لك؟ قال:"نعم" فبكى أبي - رضي الله عنه -، وإنما خص هذه السورة بالقراءة على أبي لكونها