للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التستري: من طعن في الحركة يعني في السعي والكسب فقد طعن في السنة، ومن طعن في التوكل فقد طعن في الإيمان، فالتوكل حال النبي - صلى الله عليه وسلم -، والكسب سنته فمن عمل على حاله فلا يتركن سنته، قاله ابن رجب (١). وقال ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس (٢): ظن بعضهم أن التوكل قطع الأسباب وإخراج الأموال.

قلت: لو فهم هؤلاء معنى التوكل وأنه ثقة القلب لله عز وجل لا إخراج صور المال ما قالوا هذا، ولكن قلَّ فهمهم وقد كان سادات الصحابة والتابعين يتَّجرون ويجمعون الأموال، وما قال مثل هذا أحد منهم، وقد روي عن أبي بكر الصديق أنه قال حين أمر بترك الكسب لأجل شغله بالخلافة فمن أين أطعم عيالي، اهـ. وقال أهل الحقيقة: اعلم أن معنى التوكل على الله هو الثقة بما عند الله تعالى واليأس عما في أيدي الناس، وقيل التوكل الاعتماد على الحق والتخلي من الخلق، وقيل التوكل الثقة بالوعد وترك التدبير لغد، وقال بعضهم التوكل هو انطراح القلب بين يدي الله تعالى كانطراح الميت بين يدي الغاسل يقلبه كيف يشاء، وقال سهل التوكل الاسترسال مع الله تعالى على ما يريد ومنهم من يفسره بالرضى فيقول هو الرضا بالمقدور. وقال بشر الحافي رحمة الله عليه (٣): يقول أحدهم توكلت


(١) جامع العلوم والحكم (١/ ٤٣٧).
(٢) تلبيس إبليس (١/ ٢٢٧).
(٣) مدارج السالكين (٢/ ١١٥).