وطرد الدنيا عنه. وقال ذو النون رحمة الله عليه (١): الناس على الطريق ما لم يزل عنهم الخوف، فإذا زال عنهم الخوف ضلوا عن الطريق. وقال آدم: لا تغتر بمكان صالح فلا مكان أصلح من الجنة ولقي فيها آدم ما لقي، ولا تغتر بكثرة العبادة فإن إبليس بعد طول العبادة لقي ما لقي، ولا تغتر بكثرة العلم فإن بلعام بن باعوراء لقي ما لقي وكان يعرف الاسم الأعظم. ولا تغتر بلقاء الصالحين فلا شخص أصلح من النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم ينتفع بلقائه أعداؤه والمنافقون. والقلب في سيره إلى الله تعالى بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه والخوف والرجاء جناحاه فمتى سلم الرأس والجناحان فالطير جيد الطيران ومتى قطع الرأس مات الطائر ومتى عدم الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر، ولكن السلف -رضي الله عنهم- استحبوا أن يقوى في الصحة جناح الخوف على جناح الرجاء وعند الخروج من الدنيا يقوي جناح الرجاء على جناح الخوف هذه طريقة [أبي] سليمان وغيره، قال: وينبغي للقلب أن يكون الغالب عليه الخوف فإذا كان الغالب عليه الرجاء فسد. وقال غيره: أكمل الأحوال اعتدال الرجاء والخوف وغلبة الحب، فالمحبة هي المركب والرجاء حاد، والخوف سابق، والله الموصل بمنه وكرمه، اهـ.
قوله:"أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل"، وأدلج بسكون الدال [أي ذهب في أول الليل أي] سار [في] أول الليل [وأدلج أي سار في آخر الليل، والدلجة والدلج سير الليل، وأدلج إذا سار من أول الليل]، قاله المنذري [والمراد
(١) الرسالة القشيرية (١/ ١٦٤)، ومدارج السالكين (١/ ٥١٣).