العارفون جلاله خضعوا، ولما سمع المذنبون بعفوه طمعوا، ما ثمَّ إلا عفو الله عز وجل أو النار، لولا طمع المذنبين في العفو لاحترقت قلوبهم "ق: ٥" باليأس من الرحمة ولكن إذا ذكرت عفو الله استروحت إلى برد عفوه كان بعض المتقدمين يقول في دعائه: اللهم إن ذنوبي قد عظمت فجلت عن الصفة وإنها صغيرة في جنب عفوك فاعف عني وقال آخر منهم:
جرمي عظيم وعفوك كثير ... فاجمع بين جرمي وعفوك يا كريم
يا كبيرالذنب عفو ... الله من ذنبك أكبر
أكبر الأوزار في ... جنب عفو الله يصغر
وإنما أمر بسؤال العفو في ليلة القدر بعد الإجتهاد في الأعمال فيها وفي ليالي العشر لأن العارفين يجتهدون في الأعمال ثم لا يرون لأنفسهم عملا صالحا ولا حالا ولا مقالا فيرجعون إلى سؤال العفو كحال المذنب المقصر قال يحيى بن معاذ:
ليس بعارف من لم يكن ... غاية أمله من الله العفو
إن كنت لا أصلح للقرب ... فشأنك عفو عن الذنب
كان مطرف يقول في دعائه: اللهم ارض عنا فإن لم ترض عنا فاعف عنا من عظمت ذنوبه في نفسه لم يطمع في الرضا وكان غاية أمله أن يطمع في
= ابن حيان في كتاب الثواب، والبيهقي، وليس في إسناده من أجمع على ضعفه. وتعقبه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (٥٩٤) قال: نعم لكنه منقطع؛ بين الضحاك بن مزاحم وابن عباس، والراوي عنه لين، وآثار الوضع والصنع عليه لائحة، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات (٢/ ١٩١).