للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إمكان التخفيف والتهوين عليهم ليرفع منازلهم ويعظم أجورهم قبل موتهم كما ابتلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام بالنار وموسى عليه الصلاة والسلام بالخوف الأسفار وعيسى عليه الصلاة والسلام بالصحاري والقفار ونبينا -صلى الله عليه وسلم- بالفقر في الدنيا ومقابلة الكفار، كل ذلك رفعة في أحوالهم وكمال في درجاتهم ولا يفهم من هذا أن الله شدّد عليهم أكثر مما شدّد على العصاة المخلِّطين فإنّ ذلك عقوبة ومؤاخذة على أجرامهم فلا نسبة بينه وبين هذا، اهـ، قاله في التذكرة (١)، والله أعلم.

قوله في الحديث: "ثم الأمثل فالأمثل" الحديث، أي الأشرف فالأشرف، والأعلى فالأعلى في الرتبة والمنزلة، وأماثل الناس خيارهم (٢). وعن أبي سليمان قال: مرّ موسى -صلى الله عليه وسلم- على رجل في متعبّد له ثم مرّ به بعد ذلك وقد مزّقت السباع لحمه فرأس [ملقاة] وفخذ ملقاة وكبد ملقى. فقال موسى: يا رب عبدك كان يطيعك فابتليته، فأوحى الله تعالى إليه أنه سألني درجة لم يبلغها بعمله فابتليته بهذا لأبلِّغه تلك الدرجة (٣). والله أعلم.

تتمة: وقد يجهل بعض الناس فيظن أن شدة البلاء وكثرته إنما ينزل بالعبد لهوانه وهذا لا يقوله إلا من أعمى الله قلبه [بل العبد يبتلى على حسب دينه كما قاله المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم. قال سفيان الثوري رحمه الله


(١) التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (ص: ١٦٢).
(٢) النهاية (٤/ ٢٩٦).
(٣) شعب الإيمان (١٢/ ٢٧٦ رقم ٩٣٩٠)، وربيع الأبرار (ص ٦٣٣).