للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المريض للدواء، فلما غشي عليه -صلى الله عليه وسلم- لدوه. فلما أفاق قال: ما قلت لكم لا تلدوني، لا يبقى في البيت أحد إلا لدّ وأنا شاهد إلا العباس، حتى أن زينب بنت جحش أمر بها فلدت وكانت صائمة ولا تدري هل كان صومها فرضا أو نفلا وهل نقل أفطرت بذلك أم لا؟ فيه تردد فليتأمل، وفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك عقوبة لهم لأنهم لدوه بغير إذنه. فإن قيل: لم منع التداوي مع أمره به وحثِّه عليه بقوله: عليكم بكذا وكذا، منع التداوي في هذه الحالة قلنا: يحتمل أمرين: أحدهما أن اللدود إنما يداوى به لذات الجنب وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: إن الله عافاني من ذات الجنب فلم يقدِّره عليّ.

والثاني: أن المريض إذا رجي له الشفاء استحب له التداوي لأنه أسرع لتخلصه من المرض وإلا فيكره له التداوي لأن فيه [إضرارَ المريض] وإضاعة مال. قال حجة الإسلام الغزالي (١): إن أبا بكر الصديق ترك التداوي في مرض موته وقد اقتدى به في ذلك جماعة من الصحابة ومن التابعين أيضا، ولا شك أن تعاطي الأسباب لا ينافي التوكل بل هو رتبة الكاملين فيه ولهذا إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تداوى وأمر بالتداوي، والصديق إنما تركه لأنه كوشف بانتهاء أجله فعلم حينئذ أن التداوي لا ينفع ومكاشفات الصديق وكراماته كثيرة لا تنحصر والله أعلم، قاله في مجمع الأحباب (٢).


(١) الإحياء (٤/ ٢٨٧).
(٢) مجمع الأحباب (لوحة ٣٦).