للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ففي هذا الحديث دليل على أن البول في الماء الراكد مكروه أو حرام وأصحاب الشافعي فصلوا فقالوا إن كان الماء الراكد كثيرًا يكره ولا يحرم، ولو قيل يحرم لم يكن بعيدًا فإن النهي يقتضي التحريم على المختار عند المحققين، والأكثر من أهل الأصول وفيه من المعنى أنه يقذره، لأن النفوس تعافه، ويحدّث بسبب ذلك لها الوسواس في الطهارة، وربما أدى إلى تنجسه بالإجماع لتغيره أو إلى تنجيسه عند أبي حنيفة ومن وافقه في أن الغدير الذي يتحرك طرفه بتحريك الطرف الآخر ينجس بوقوع نجاسة فيه، وأما الماء الراكد القليل فقد أطلق جماعة من أصحاب الشافعي أنه مكروه، والصواب المختار أنه يحرم البول فيه لأنه ينجسه ويتلف بالميتة ويضر غيره باستعماله (١).

قال النووي (٢): قال أصحابنا وغيرهم من العُلماء: والتغوط في الماء كالبول فيه وأفحش من البول، وفي الليل أشد كراهة لما قيل إن الجن بالليل تأوي إليه فتخشى من آفة تصيبه من جهتهم (٣)، وكذلك إذا بال في إناء ثم صبه في الماء، وكذلك إذا بال بقرب البئر بحيث يجري إليه فجرى إليه لعموم نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن البراز في الموارد، ولما فيه من إيذاء المارين بالماء، وكله مذموم قبيح منهي عنه على التفصيل ولم يختلف في هذا أحد من العُلماء (٤).


(١) شرح النووي على مسلم (٣/ ١٨٧ - ١٨٨).
(٢) المصدر السابق (٣/ ١٨٨)، وروضة الطالبين (١/ ٦٥).
(٣) طرح التثريب (٢/ ٣٥)، والإعلام بفوائد عمدة الأحكام (١/ ٢٧٧ - ٢٧٨).
(٤) شرح النووي على مسلم (٣/ ١٨٨)، والنفح الشذى (٢/ ١٤٧).