للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سنة ثلاث ومائة (١).

قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تسبّوا الأموات فإنهم أفضوا إلى ما قدموا"، وفي رواية أبي داود: إذا مات صاحبكم فدعوه لا تقعوا فيه (٢)، الحديث.

الإفضاء الإسراع فمعنى أفضوا أي وصلوا أو صاروا إلى ما قدموا من خير وشر فإن كانوا من أهل السعادة فقد صاروا إليها فينبغي عليكم تبعة من سبّهم وإن كانوا من أهل الشقاء فتتحملون من أوزارهم بالسبّ. وفي الحديث النهي عن سبّ الأموات كالأحياء، وهو حرام فيهما، وإنما خصص الأموات لأنهم في محل أن يرحموا وليس في محل المؤاخذة لانقطاع حياتهم وخراب أيديهم وأيضا فإن مجازاتهم على أعمالهم لا تزيد بسب الأحياء لهم فإنه من يعمل مثقال ذرة خيرا يره، وهذا معنى قوله: فإنهم أفضوا إلى ما قدّموا، أي من خير وشر.

ومن أسباب النهي أيضا: أن الأحياء يتأذون بذلك كما جاء: لا تسبّوا الموتى فتؤذوا الأحياء فيقع الإنسان بسبّهم في إثمين إثم لأذى الحي وإثم لذكر الميت بالسب والأذى. فقوله: "لا تسبّوا الأموات" عام مخصوص [بذلك، وممن] يغلب شره [لوحظ به الفساق]، [نعم] إن كان الميت كافرا فيجوز ذلك لأنه عدو لله وللمؤمنين وعذابه في ازدياد إلى أبد الآبدين والله


(١) تهذيب الأسماء واللغات (٢/ ٨٣).
(٢) أخرجه أبو داود (٤٨٩٩)، والترمذي (٣٨٩٥)، وابن حبان (٣٠١٨) و (٣٠١٩) عن عائشة. وصححه الألباني في الصحيحة (٢٨٥).