للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يفتن في قبره ويسأل ويهان ويعذب. قال أبو محمد عبد الحق الإشبيلي في العاقبة (١): واعلم أن عذاب القبر ليس مختصا بالكافرين ولا موقوفًا على المنافقين بل يشاركهم فيه طائفة من المؤمنين وكل على حاله من عمله وما استوجب من خطئيته وزلله وإن كانت تلك النصوص المتقدمة في عذاب القبر في الكافر والمنافق وعذاب المؤمن لا يكون كعذاب الكافر والحمد للّه قد يكون عذاب المؤمن في ضمة القبر أو ضيقه أو صعوبة مثظره أو بما يصيبه من الروعات عند [مشاهدته] تلك الزلات.

قوله: قالت يعني عائشة: "فما رأيتُ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- بعد صلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر" الحديث. [التعوذ طلب الدفع من الشيء مخافة الوقوع فيه]، وفي الصحيح أن رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- كان يتعوذ باللّه من أربع وذكر منها: عذاب القبر. وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يدعو به، ومن المعلوم أنه -صلى الله عليه وسلم- معصوم مما ذكر فيه من الفتنة وعذاب القبر ولكنه دعا به لأمرين: أحدهما إظهار العبودية والتذلل والإذعان لقضاء اللّه تعالى وقدره. والثاني: ليُشرِّع -صلى الله عليه وسلم- ذلك لأمته حتى يقتدوا به فإنهم إذا علموا أن المعصوم -صلى الله عليه وسلم- يدعو به فالمعرض له أولى بذلك (٢). وقد ورد في عذاب القبر أحاديث منها: الضرب إما بمطارق من حديد أو غيره لما روي عن أبي أمامة قال: أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بقيع الغرقد فوقف على قبرين فقال: [أو دفنتم] هاهنا فلانًا وفلانة أو فلانًا وفلانا.


(١) العاقبة في ذكر الموت (ص: ٢٤٦).
(٢) شرح الصحيح (٣/ ٣٦٤ - ٣٦٥).