للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بين الموت إلى القيامة؟ هل هي في السماء أم في الأرض، وهل هي في الجنة والنار أو لا؟ وهي مما اختلف فيه الناس قديما، فقال قائلون أرواح المؤمنين في الجنة شهداء كانوا أو غير شهداء إذا لم يحبسهم عن الجنة كبيرة ولا دين، وهذا مذهب أبي هريرة وعبد الله بن عمر (١) واحتجوا بحديث كعب بن مالك وبقوله تعالى: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (٨٩)} (٢) فإن هذا ذكره الله تعالى عقب ذكر خروجها من البدن بالموت، وقسم الأرواح إلى ثلاثة أقسام: مقربين في الجنة منعمين، وأصحاب يمين، وحكم له بالسلامة من العذاب، ومكذبة ضالة فلهم نزل من حميم وتصلية جحيم. واحتجو أيضا بقوله تعالى: (يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧)) (٣) الآية.

وقد قال جماعة من الصحابة والتابعين: أن هذا يُقال لها عند خروجها من الدنيا يبشرها الملك بذلك ولا ينافي ذلك قول من قال أن هذا يقال لها في الآخرة فإنه يقال لها عند الموت وعند البعث.

المذهب الثاني قول مجاهد: ليس هي في الجنة ولكنهم في فنائها يأكلون من ثمارها ويجدون ريحها (٤) فيدل له ما رواه أحمد (٥) عن ابن عباس أن


(١) الروح (ص ٩٠)، وتسلية أهل المصائب (ص ٢١٠ - ٢١١).
(٢) سورة الواقعة، الآية: ٨٨ - ٨٩.
(٣) سورة الفجر، الآية: ٢٧.
(٤) تفسير ابن المنذر (١١٧٩)، والروح (٩٠)، وتسلية أهل المصائب (ص ٢١١).
(٥) أخرجه أحمد في مسنده (١/ ٢٦٦)، والطبراني في الأوسط (١٢٣)، والحاكم (٢/ ٨٤)، وقال: صحيح على شرط مسلم. وانظر قول الهيثمي في (٥/ ٢٩٤)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (٣٧٤٢)، والترغيب والترهيب (٢/ ١٤٢).