للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراجح

بعد عرض أقوال أهل العلم في المسألة وما استدلوا به يظهر لي- والله أعلم بالصواب- ما يلي:

أولاً: إن أقوال النسخ الثلاثة كلها ضعيفة، إذ ليس على أي واحد منها دليل يثبت به ذلك، وقد سبق وجوه الرد عليه. كما أن القول به خلاف الأولى؛ لأن الجمع بين الأحاديث الواردة في المسألة ممكن، وهو كذلك مما يضعف القول بالنسخ.

ثانياً: إن سُلّم أن الأحاديث التي فيها النهي والزجر عن القراءة مع الإمام يدل على نسخ القراءة، فلا يُسلّم شمول ذلك للفاتحة؛ لأن في بعض تلك الأحاديث جاء استثناء الفاتحة من ذلك الحكم، ففي حديث عبادة -رضي الله عنه-: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها» كما جاء استثناء ذلك في حديث أنس، ورجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعبد الله بن عمرو-رضي الله عنهم-. فثبت من ذلك أن النسخ إن قيل به ففي القراءة غير الفاتحة، أما الفاتحة فقد جاء الأمر بقراءتها عموماً، وفي بعض تلك الأحاديث الدالة على النهي عن القراءة مع الإمام جاء الأمر بقراءتها خلف الإمام خصوصاً، وليس هناك حديث ينص على النهي عن قراءة الفاتحة خصوصاً حتى يعارض به حديث قراءتها خصوصاً، فضلاً عن أن يكون ناسخاً له (١).

ثالثاً: إن الراجح هو القول الثالث، وهو أن المأموم يقرأ الفاتحة خلف


(١) انظر: إمام الكلام لعبد الحيّ ص ٣٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>