للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دحية إذا قدم تلقّاه أهله بالدّفاف، فخرج الناس لم يظنوا إلا أنه ليس في ترك الخطبة شيء، فأنزل الله عز وجل: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: ١١]، فقدّم النبي -صلى الله عليه وسلم- الخطبة يوم الجمعة، وأخر الصلاة، وكان لا يخرج أحد لرعاف أو إحداث بعد النهي حتى يستأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- يشير إليه بأصبعه التي تلي الإبهام، فيأذن له النبي -صلى الله عليه وسلم- يشير إليه بيده، فكان من المنافقين من تثقل عليه الخطبة والجلوس في المسجد، فكان إذا استأذن رجل مسلم قام المنافق إلى جنبه مستتراً به حتى يخرج، فأنزل الله عز وجل: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ

الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} [النور: ٦٣] الآية) (١).

فهذا يدل على أن الخطبة كانت يوم الجمعة بعد الصلاة، ثم نسخ ذلك وجعلت قبل الصلاة (٢).

واعترض عليه: بأن القول بنسخ حكم ما يستلزم ثبوته أولاً، والحديث الذي استُدل به ضعيف لا تقوم به حجة، فلا يثبت النسخ بمثله (٣).

هذا كان قول من قال بالنسخ ودليله.

ولا خلاف بين أهل العلم في أن خطبة الجمعة قبل الصلاة، ولا


(١) أخرجه أبو داود في المراسيل ص ١٦٨، ومن طريقه الحازمي في الاعتبار ص ٣٠٥. وهو مرسل، وشاذ، ومعضل. انظر: الاعتبار ص ٣٠٦؛ فتح الباري ٢/ ٥٢١.
(٢) انظر: الاعتبار ص ٣٠٥؛ رسوخ الأحبار ص ٣٠١، ٣٠٢؛ حاشية الطحطاوي ص ٣٣٠.
(٣) راجع تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>