للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يجلس حتى توضع عن مناكب الرجال، وذلك لما يلي:

أولاً: لكثرة أدلة القول الأول، مع كونها صحيحة، وصريحة (١).

أما أدلة القول الثاني فبعضها ضعيف، وبعضها روي بطرق مختلفة بين صريح ومحتمل-مع أن القصة واحدة- وهو مما يضعف وجه الاستدلال به (٢).

ثانياً: إن أبا سعيد الخدري وأبا هريرة-رضي الله عنهما- قد رويا: أنهما لم يريا النبي -صلى الله عليه وسلم- شهد جنازة فجلس قبل وضعها.

كما أن أبا سعيد الخدري -رضي الله عنه- لما رأى أبا هريرة ومروان جلسا قبل وضع الجنازة، أمر مروان بالقيام، وبين له أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ذلك، وصدّقه أبو هريرة -رضي الله عنه-. وكان ذلك بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- بزمان، وكان كذلك بمشهد من حضر الجنازة، ولم يقل أحد لأبي سعيد أن ذلك قد نسخ.

فثبت من هذا كله: أن من تبع جنازة فلا يجلس حتى توضع عن مناكب الرجال، وأن ذلك محكم لم ينسخ.

والله أعلم.


(١) انظر: تهذيب السنن لابن القيم ٤/ ٣١٢.
(٢) انظر: الاعتبار ص ٢٣٨؛ المغني ٣/ ٤٠٥؛ المجموع ٥/ ١٧٢؛ تهذيب السنن لابن القيم ٤/ ٣١٣؛ نيل الأوطار ٤/ ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>