للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى في القرآن أو على لسان نبيه ففرض اتباعه، فمن قال في شيء من ذلك إنه منسوخ فقد أوجب ألا يطاع ذلك الأمر، وأسقط لزوم اتباعه، وهذه معصية لله تعالى مجردة، وخلاف مكشوف، إلا أن يقوم برهان على صحة قوله، وإلا فهو مفتر مبطل.

ومن استجاز خلاف ما قلنا فقوله يؤول إلى إبطال الشريعة كلها؛ لأنه لا فرق بين دعواه النسخ في آية مَّا أو حديث مَّا، وبين دعوى غيره النسخ في آية مَّا أو حديث مَّا، وبين دعوى غيره النسخ في آية أخرى، وحديث آخر، فعلى هذا لا يصح شيء من القرآن والسنة، وهذا خروج عن الإسلام، وكل ما ثبت بيقين فلا يبطل بالظنون، ولا يجوز أن تسقط طاعة أمر أمرنا به الله تعالى ورسوله إلا بيقين نسخ لا شك فيه، فإذا قد صح ذلك وثبت، فلنقل في الوجوه التي بها يصح نسخ الآية أو الحديث، فإذا عدم شيء من تلك الوجوه، فقد بطلت دعوى من ادعى النسخ في شيء من الآيات أو الأحاديث) (١).

وقال القرطبي (٢): (معرفة هذا الباب أكيدة، وفائدته عظيمة، لا يستغنى عن معرفته العلماء، ولا ينكره إلا الجهلة الأغبياء؛ لما يترتَّب عليه


(١) الإحكام شرح أصول الأحكام ١/ ٤٩٧.
(٢) هو: محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح، الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الله القرطبي، من شيوخه: أحمد بن عمر القرطبي صاحب "المفهم في شرح صحيح مسلم"، ومن مؤلفاته" الجامع لأحكام القرآن"، وتوفي سنة إحدى وسبعين وستمائة. انظر: الديباج المذهب لابن فرحون ٢/ ٣٠٨؛ شجرة النور الزكية ص ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>