للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب-إن حديث عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه- يدل بمجموع طرقه على أن اليهود كانوا يدعون الحيف في الخرص، لذلك كان عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه- يخيرهم بعد الخرص إما أن يقبلوا ويأخذوا بما خُرص عليهم، أو أن الثمر يكون للمسلمين على ما خُرص، ويؤدون إلى اليهود نصفها. ولم يكن التضمين بالشطر إلا لليهود، لأنهم غير أمناء. واتفاق أهل العلم على أن الخرص لا يجعل الثمرة في ضمان أهلها، هو في حق المسلمين، لا في حق يهود خيبر، لذلك فاتفاق الفقهاء على خلافه لا يدل على نسخه (١).

ج- إن أهل العلم لم يتفقوا على العمل على خلاف الخرص حتى يقال بنسخه، بل جمهور أهل العلم قالوا بالخرص، وإنما اتفقوا على أن الخرص لا يجعل الثمرة في ضمان أهلها، فإن كان يقال بالنسخ، فينبغي أن يقال بنسخ تضمين أرباب الثمار ما خرص عليهم بالخرص

فقط؛ لأن أهل العلم اتفقوا على خلافه (٢).

الوجه الثاني للنسخ: إن أحاديث الخرص تدل على تمليك الخراص أصحاب الثمار حق الله تعالى فيها، وهي رطب، ببدل يأخذونه منهم ثمراً، فهو من بيع الثمر بالتمر، ويسمى بالمزابنة، وهو من الربا، كما يدل عليه حديث سهل بن أبي حثمة -رضي الله عنه- وغيره، والربا قد نسخ، فيكون الخرص منسوخاً بنسخ الربا (٣).

واعترض عليه بما يلي:

أ- إن تحريم الربا متقدم، والخرص عمل به في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى مات، ثم أبو بكر، وعمر-رضي الله عنهما-فمن بعدهم، فكيف يقال: بأن الخرص نسخ بنسخ الربا (٤).


(١) انظر: عارضة الأحوذي لابن العربي ٢/ ١٤٢.
(٢) انظر: مختصر اختلاف العلماء ١/ ٤٥٢؛ فتح الباري ٣/ ٤٢١؛ تحفة الأحوذي ٣/ ٣٤٦.
(٣) انظر: شرح معاني الآثار ٢/ ٤٠؛ عمدة القاري ٦/ ٥٢٠؛ تحفة الأحوذي ٣/ ٣٤٥.
(٤) انظر: الحاوي ٣/ ٢٢٣؛ إعلام الموقعين ٢/ ٢٦٥؛ فتح الباري ٣/ ٤٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>