للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يفرض صوم الشهر إلا على من شهده، ولا فرض على المسافر إلا أياماً أخر غير رمضان، وحديث أبي أميّة الضمري -رضي الله عنه- يدل على معنى الآية الكريمة؛ حيث بين فيه أن الله وضع عن المسافر الصوم.

وما روي عن جابر -رضي الله عنه- يدل على أن الصوم في السفر ليس من البر، وأنه يجب قبول رخصة الله التي رخص لعباده، وهو الفطر في السفر، وأن من صام في السفر، فهو من العصاة.

وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصوم في السفر لمّا سافر لفتح مكة، كما يدل عليه حديث ابن عباس، وجابر-رضي الله عنهم- ثم أفطر وأمر به، فكان الإفطار آخر الأمرين من قوله وفعله -صلى الله عليه وسلم-، فيكون ذلك ناسخاً لجواز الصوم في السفر؛ لأنه يؤخذ بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (١).

واعترض عليه بما يلي:

أ-إن المراد بالآية الكريمة أن من أفطر من المسافرين والمرضى فعليه عدة من أيام أخر، وليس المراد بها عدم صحة صوم المسافر، ويدل على ذلك اتفاق المسلمين على أن المريض متى صام أجزأه، ولا قضاء عليه إلا أن يفطر، فالمسافر نحوه؛ لأنهما ذكرا جميعاَ على وجه العطعف (٢).


(١) انظر: المحلى ٤/ ٣٩٧ - ٤٠١؛ الاعتبار ص ٣٥٩؛ فتح الباري ٤/ ٢١٤، ٢١٧؛ نيل الأوطار ٤/ ٣٢١.
(٢) انظر: أحكام القرآن للجصاص ١/ ٢٥٩؛ الاستذكار ٣/ ١٨٨؛ أحكام القرآن لابن العربي ١/ ٧٨؛ بداية المجتهد ٢/ ٥٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>