للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب-إن ما جاء في رواية ابن عباس -رضي الله عنه-: (وكان صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره) فهو مدرج من قول الزهري، وليس من الحديث. و الفطر في السفر، المذكور في هذه الأحاديث ليس آخر الأمرين، بل قد صام الصحابة مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في السفر بعد فتح مكة (١). يدل عليه حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- حيث قال: سافرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة ونحن صيام، قال: فنزلنا منزلاً، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنكم قد دنوتم من عدوكم، والفطر أقوى لكم». فكانت رخصة، فمنّا من صام، ومنّا من أفطر، ثم نزلنا منزلاً آخر، فقال: «إنكم مصبحو عدوكم، والفطر أقوى لكم، فأفطروا». وكانت عزمة، فأفطرنا. ثم قال: لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك في السفر (٢).

وفي رواية عنه -رضي الله عنه- قال: (خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى حنين لثمان عشرة خلت من رمضان، فصام طوائف من الناس، وأفطر آخرون، فلم يعب، أو قال: ولم يعب على الصائم صومه، ولا على المفطر إفطاره) (٣).

والخروج إلى حنين كان بعد فتح مكة بلا خلاف (٤).

ج-إن نسبة النبي -صلى الله عليه وسلم- الصائمين إلى العصيان لما أمرهم بالإفطار فلم


(١) انظر: صحيح مسلم ٤/ ٤٥١؛ فتح الباري ٤/ ٢١٧؛ نيل الأوطار ٤/ ٣٢١.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه ٤/ ٤٥٦، كتاب الصيام، باب أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل، ح (١١٢٠) (١٠٢).
(٣) أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده ص ١٨٩. ورجاله: هشام، وقتادة، وأبو نضرة، وهم رجال مسلم.
(٤) انظر: تهذيب سيرة ابن هشام ص ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>