للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبب، بل نسب من صام في السفر إلى العصيان، لمّا أمرهم بالفطر عند قرب لقاء العدو فلم يمتثلوا واستمروا في الصوم، أو لم يروا الرخصة في الفطر. كما أن قوله: «ليس من البر الصيام في السفر». إنما قاله لمن جهده الصوم في السفر، وتضرر به، ولم يفطر، أو لم يقبل رخصة الفطر. ويدل على هذا حديث جابر، وأبي سعيد الخدري، وغيرهما-رضي الله عنهما- (١).

فعلى هذا يكون الصوم في السفر أفضل من الفطر لمن لم يجهده؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صام في السفر، وأنه لم يفطر إلا عند حصول جهد له أو لغيره من الصائمين أو لوجود سبب آخر يدعو للفطر، فافطر حتى يفطروا.

وبه يمكن الجمع بين الأحاديث الواردة في المسألة؛ وذلك بحمل صوم النبي -صلى الله عليه وسلم- في السفر على الأفضل، وبحمل ما يدل على الفطر على وجود سبب، أو لمشقة وجهد (٢).

ثانياً: إن القول بأن الصوم في السفر منسوخ، غير صحيح؛ وذلك لما يلي:

أ- لأنه لا يوجد دليل يدل على تأخر ما يدل على عدم الصوم في السفر على ما يدل على جواز الصوم في السفر. وفطر النبي -صلى الله عليه وسلم- في السفر في غزوة الفتح ليس آخر الأمرين على الإطلاق، بل صام ثم أفطر، فهو متأخر عن هذا الصوم، لكنه قد صام هو والصحابة في السفر بعد ذلك كما يدل عليه حديث


(١) انظر: تهذيب السنن لابن القيم ٣/ ٢٨٥ - ٢٨٧؛ فتح الباري ٤/ ٢١٦ - ٢١٧.
(٢) انظر: بدائع الصنائع ٢/ ٢٤٨؛ المجموع ٦/ ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>