للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه- قال: (لا يصلي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد، ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مداً من حنطة) (١).

ويستدل منها على النسخ: بأن حديث عائشة وابن عباس-رضي الله عنهم- يدل على أن الوليّ يصوم عمن مات وعليه صيام، ثم ما روي عنهما من قولهما: يدل على أن من مات وعليه صيام، فإن وليُّه يُطعم عنه، ولا يصوم عنه، ويدل عليه كذلك ما روي عن ابن عمر -رضي الله عنه-. فيثبت من ذلك أن قضاء الصوم عن الميت قد نُسخ، وأنه ثبت عند عائشة وابن عباس-رضي الله عنهم- نسخ ما روياه؛ وإلا لما أفتيا على خلاف روايتهما، وإلا لكان ذلك جرحاً في عدالتهما، وبالتالي سقوط روايتهما، وحاش لله عز وجل أن يكون ذلك كذلك، بل هما على عدلهما وأنهما لم يتركا ما سمعاه من النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا بما سمعاه منه مما قالاه بعده (٢).

واعترض عليه بما يلي:

أولاً: إن مخالفة أحد الصحابة-رضي الله عنهم-لما رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- له عدة احتمالات، منها: أن يكون نسي ما رواه، أو أن يخالف ذلك لاجتهاد، كما يحتمل أن تكون الرواية عنه بخلافه وهماً ممن روى ذلك عنه، ومع هذه الاحتمالات لا يصح الاستدلال منه على النسخ، على أن الواجب اتباع ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وليس لأحد من البشر قول مع قوله -صلى الله عليه وسلم- (٣).

ثانياً: إنه روي عن غير عائشة وابن عباس-رضي الله عنهما- مثل روايتهما، ولم يُنقل عنه أنه أفتى بخلاف روايته، فإن كان قول عائشة وابن


(١) أخرجه النسائي في السنن الكبرى ٣/ ٢٥٧، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٣/ ٢٢، وابن عبد البر في الاستذكار ٣/ ٢٢٣. وصحح سنده ابن التركماني في الجوهر النقي ٤/ ٤٣٠، وابن حجر في التلخيص الحبير ٢/ ٢٠٩.
(٢) انظر: شرح مشكل الآثار ٣/ ٢٤؛ شرح صحيح البخاري لابن بطال ٤/ ١٠٠؛ عمدة القاري ٨/ ١٥٥؛ فتح
القدير لابن الهمام ٢/ ٣٥٩.
(٣) انظر: المحلى ٤/ ٤٢٣، ٤٢٤؛ فتح الباري ٤/ ٢٢٩؛ نيل الأوطار ٤/ ٣٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>