للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الأحاديث تدل على أن صوم يوم عاشوراء كان واجباً؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صامه وأمر بصيامه، وتأكد ذلك بالنداء العام، وبأمر من أكل بالإمساك بقية اليوم، كما تأكد ذلك بقول عائشة وابن عمر-رضي الله عنهم-: (لما فُرض رمضان تُرك عاشوراء)؛ لأن استحبابه باق لم يترك، فدل على أن المتروك هو وجوبه (١).

ثم هذه الأحاديث تدل كذلك على نسخ ذلك الوجوب؛ حيث دلت على أن وجوب صوم عاشوراء كان قبل فرض رمضان، وأنه لما فُرض رمضانُ تُرك عاشوراء، وأنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «من شاء أن يصومه فليصمه، ومن شاء أن يتركه فليتركه». فثبت بذلك نسخ وجوب صيامه (٢).

لكن بقي استحباب صيامه؛ حيث إن النبي -صلى الله عليه وسلم- صامه بعد نسخ وجوبه، وبعد فرض رمضان، كما يدل عليه حديث ابن عباس ومعاوية-رضي الله عنهم-؛ لأنهما إنما صحبا النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد فرض رمضان ونسخ وجوب صوم عاشوراء. كما تدل أحاديث كثيرة على فضل صيامه واستحباب ذلك (٣).

والله أعلم.


(١) انظر: ناسخ الحديث ومنسوخه للأثرم ص ١٨٧؛ شرح معاني الاثار ٢/ ٧٥؛ الاستذكار ٣/ ٢١١؛ الاعتبار ص ٣٤٠؛ فتح الباري ٤/ ٢٩١.
(٢) راجع المصادر في الحاشية السابقة.
(٣) انظر: ناسخ الحديث ومنسوخه للأثرم ص ١٨٧؛ شرح معاني الآثار ٢/ ٧٥ - ٧٨؛ التمهيد ٧/ ٢٧٠ - ٢٧٢؛ فتح الباري ٤/ ٢٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>