للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوب إعادة الحج على الأعرابي إذا حج قبل الهجرة ثم هاجر المذكور في حديث ابن عباس -رضي الله عنه- الأول منسوخاً بحديث عائشة-رضي الله عنها- وحديث ابن عباس -رضي الله عنه- الثاني. كما يكون منسوخاً بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «أيها الناس! قد فرض الله عليكم الحج فحُجّوا»؛ حيث إن ذلك كان في حجة الوداع، وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه وجوب الحج على الناس، وهو يشمل الأعرابي وغيره (١).

واعترض عليه: بأنه لا هجرة بعد الفتح لكن من مكة، فالهجرة باقية ولم تنسخ مطلقاً، وإنما نسخ الهجرة من مكة بعد فتحها؛ لأنها أصبحت دار إسلام (٢).

هذا كان قول من قال بالنسخ، ودليله.

وقد اختلف أهل العلم في إعادة الحج على من حج من الأعراب قبل الهجرة ثم هاجر، على قولين:

القول الأول: أن حجه يجزيه عن حجة الإسلام، وليس عليه إعادة الحج بعد الهجرة.

وهو قول المذاهب الأربعة (٣)، وقول عطاء، وإبراهيم النخعي،


(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص ٢/ ٣٤؛ المحلى ٥/ ١٦، ١٧.
(٢) انظر: المغني ١٣/ ١٥٠، ١٥١.
(٣) صرح بهذا الجصاص من الحنفية، ولم أجد أحداً صرح به من أصحاب المذاهب غير الحنفية، لكنه مقتضى قول الجميع؛ حيث إنهم يذكرون في شروط وجوب الحج: الإسلام، والحرية، والبلوغ، وغير ذلك. ولكنهم لا يشترطون الهجرة، كما أنهم أي أصحاب المذاهب الأربعة يذكرون وجوب إعادة حج الصبي والعبد بعد البلوغ والعتق، ولا يتعرضون لذكر إعادة حج الأعرابي بعد الهجرة. فيثبت من ذلك أنهم لا يقولون بإعادة الحج على الأعراب بعد الهجرة. انظر: " شرح معاني الآثار ٢/ ٢٥٦ - ٢٥٨؛ أحكام القرآن للجصاص ٢/ ٣٤؛ بدائع الصنائع ٢/ ٢٩٣ - ٢٩٤؛ " الكافي لابن عبد البر ص ١٣٣؛ بداية المجتهد ٢/ ٦٢٢ - ٦٢٦؛ جامع الأمهات ص ١٨٣، ١٨٤؛ " الأم ٢/ ١٤٢؛ مختصر المزني ص ١٠١؛ السنن الكبرى للبيهقي ٤/ ٥٣١ - ٥٣٣؛ المجموع ٧/ ٣١ - ٣٣؛ " المغني ٥/ ٤٤ - ٤٧؛ شرح الزركشي ٢/ ٧٦، ٧٧، ٨٩؛ منتهى الإرادات ١/ ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>