للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عباس وجابر-رضي الله عنهم- أن المراد بالأعراب الذين عليهم حجة أخرى بعد الهجرة: هم الذين حجوا ثم هاجروا قبل فتح مكة خاصة. وليس المراد الأعراب الذين حجوا بعد فتح مكة؛ وذلك لدليلين:

أ- لما في حديث عائشة وابن عباس-رضي الله عنهم- أنه لا هجرة بعد فتح مكة. كما جاء ذكر ذلك في إحدى طرق حديث جابر -رضي الله عنه-، مع أنه جاء فيه إعادة الحج على الأعرابي بعد الهجرة، فهو وإن كان فيه ضعفاً إلا أن معناه يتقوى بأحاديث أخرى، ويدل على أن المراد بالأعراب الذين عليهم إعادة الحج بعد الهجرة هم الذين حجوا قبل فتح مكة. لا من يحجون بعد فتح مكة ثم يهاجرون؛ لأنه لا هجرة بعد الفتح.

ب- ولأن الحج على قول أكثر أهل العلم إنما فرض سنة تسع أي بعد فتح مكة (١)، فيكون حج من حج قبل فتح مكة غير حج الفريضة وغير حجة الإسلام، لذلك يكون عليه

أن يعيد حجه؛ لأن حجه الأول لم يكن حجة الإسلام وحجته المكتوبة.

رابعاً: ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما حج حجة الوداع وأذن في الناس بذلك، قدم المدينة بشر كثير، كما في حديث جابر -رضي الله عنه- حيث قال: (إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكث تسع سنين لم يحج. ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حاجّ، فقدم المدينة بشر كثير، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله -صلى الله عليه وسلم-،


(١) انظر: الفروع ٥/ ٢٠١؛ الدر المختار وحاشية ابن عابدين ٣/ ٤٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>