للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-رضي الله عنهم-فيكون قولهم وعملهم أولى لموافقة ذلك لعمل النبي -صلى الله عليه وسلم- (١).

الراجح

بعد عرض قولي أهل العلم في المسألة وما استدلوا به، يظهر لي- والله أعلم بالصواب- أن الراجح هو قول جمهور أهل العلم، وهو استحباب الطيب عند الإحرام، وأنه لا بأس ببقاء

أثره بعد الإحرام، وذلك لما يلي:

أولاً: لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- تطيب في حجة الوداع قبل الإحرام، وبقي عليه أثره بعد الإحرام، كما أنه -صلى الله عليه وسلم- لم ينه من فعل ذلك، بل قررهم عليه، فدل كل ذلك على جواز الطيب واستحبابه عند الإحرام، سواء يبقى أثره بعد الإحرام أم لا. وقد سبق دليل هذا كله (٢).

ثانياً: إن الأمر بغسل الطيب وأثره في حديث يعلى -رضي الله عنه- يحتمل أنه أريد به نوع خاص من الطيب وهو الخلوق، وهو قد جاء النهي عنه في غير الإحرام كذلك، فيكون الأمر بالغسل مختصاً بهذا النوع من الطيب وأثره، ولا يكون شاملاً لمطلق أنواع الطيب.

كما يحتمل أن يكون المراد به مطلق الطيب، وعليه فيكون ذلك منسوخاً؛ لأن ذلك كان سنة ثمان، وقد تطيب النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع وهو كان سنة عشر. ولا يقال: إن ذلك مما اختص به النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن زوجاته -صلى الله عليه وسلم- تطيبن كذلك ولم ينههن عن ذلك، ولا فرق في الطيب بين النساء


(١) انظر: المحلى ٥/ ٩٦ - ٧٣.
(٢) راجع أدلة القول الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>