للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستدل للقول الثاني: برواية أم سلمة وأم قيس بنت محصن-رضي الله عنهما-؛ فهما يدلان على أن من تحلل ثم لم يفض يوم النحر فإنه يعود محرماً كما كان قبل رمي الجمرة (١).

الراجح

الذي ظهر لي- والله أعلم بالصواب- أن الراجح هو القول الأول، وذلك لما يلي:

أولاً: للأحاديث الكثيرة التي جاء فيها ذكر التحلل الأول، وليس فيها ما يدل على عود من حصل له ذلك محرماً إذا لم يطف طواف الإفاضة يوم النحر. كما أن الآثار المروية عن الصحابة-رضي الله عنهم- ليس فيها أي ذكر لذلك، مع عموم البلوى به.

ثانياً: إن القول بعوده محرماً لم ينقل عن أحد من الصحابة-رضي الله عنهم-بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا قولاً ولا عملاً، مما يدل على ترك العمل به.

كما أن ترك العمل به من عامة أهل العلم بعد الصحابة-رضي الله عنهم- مما يرجح القول بخلافه.

ثالثاً: إن القول بنسخه ضعيف إلا أنه محتمل؛ حيث لم ينقل عن أحد من الصحابة -رضي الله عنهم- بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال به، كما لم يقل به عامة أهل العلم فهو كشبه الإجماع على ترك العمل به. والإجماع ليس مما ينسخ به، لكنه يدل على ناسخ (٢).

والله أعلم.


(١) انظر: صحيح ابن خزيمة ٢/ ١٣٨٩؛ شرح معاني الآثار ٢/ ٢٢٨؛ المحلى ٥/ ١٤١.
(٢) انظر: السنن الكبرى ٥/ ٢٢٣؛ المجموع ٨/ ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>