للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن أحد ترخص لقتال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيها فقولوا: إن الله قد أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلغ الشاهد الغائب» (١).

ثالثاً: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه عام فتح مكة قتلت خزاعة رجلاً من بني ليث بقتيل لهم في الجاهلية، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليهم رسوله والمؤمنين، ألا وإنها لم تحلّ لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، ألا وإنما أحلت لي ساعة من نهار، ألا وإنها ساعتي هذه حرام، لا يختلى شوكها، ولا يعضد شجرها، ولا يلتقط ساقطتها إلا منشد. ومن قُتل له قتيل فهو بخير النظرين، إما يودى وإما يقاد» الحديث (٢).

ويستدل منها على النسخ: بأن هذه الأحاديث تدل على عدم جواز القتال بمكة، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أُحل له القتال بها ساعة من نهار، ثم حرم القتال بها بعد ذلك، ونسخ به ذلك الاستحلال. فعاد حرمتها إلى يوم القيامة. فتكون في هذه الأحاديث دلالة على نسخ إباحة القتال بمكة واستحلال الحرم (٣).

ويستدل للقول بأن النهي عن قتال المشركين عند الحرم قد نسخ، بما يلي:

أولاً: قوله تعالى: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} (٤).


(١) سبق تخريجه في ص ١٠٣٥.
(٢) سبق تخريجه في ص ١٠٣٥.
(٣) انظر: الاعتبار ص ٣٧٨ - ٣٨٠؛ الناسخ والمنسوخ للرازي ص ٦٥.
(٤) سورة البقرة، الآية (١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>