للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالصواب- ما يلي:

أولاً: إن الراجح هو القول الأول، وهو عدم استحلال الحرم بقتال من يباح قتاله إلا إذا

قاتل، وذلك لأن أدلة هذا القول مع كونها صحيحة وصريحة، أدلة خاصة، وأدلة القول المخالف له أدلة عامة، والخاص يقدم على العام ويقضي عليه كما سبق ذكره.

ثانياً: إن استحلال حرم مكة بالقتال عند فتحها كان رخصة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ساعة من نهار، ثم عاد حرمتها بعد ذلك إلى يوم القيامة. وقد عبر عنه بعض أهل العلم بالنسخ، والأحاديث الواردة في ذلك صحيحة وصريحة، وقد سبق ذكر بعضها ووجه الاستدلال منها.

ثالثاً: إن القول بنسخ النهي عن القتال عند المسجد الحرام غير صحيح، وذلك لما يلي:

أ- لأن أدلة النهي عن القتال عند المسجد الحرام أدلة خاصة، والأدلة التي تدل على قتال المشركين كافة أدلة عامة، والجمع بينهما ممكن وذلك بحمل العام على ما عدا محل الخصوص. ولا يصح النسخ بين العام والخاص، بل الخاص يقضي على العام (١).

ب-ولأن الأدلة التي تدل على عدم جواز القتال عند المسجد الحرام صريحة في تأبيد هذا الحكم إلى يوم القيامة، كما في حديث ابن عباس -رضي الله عنه-: (فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة). وما كان هكذا فلا يمكن نسخه؛ لأنه


(١) انظر: الناسخ والمنسوخ لابن العربي ص ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>